Pages

Tuesday, February 7, 2012

إن روسيا والصين تشاركان في قتل الشعب السوري

روسيا والصين إذ تشاركان في قتل الشعب السوري

ياسر الزعاترة

قلنا إن روسيا والصين تشاركان في قتل الشعب السوري، ولم نقل تقتلان الشعب السوري، لأن المجرم الأول والأخير هو نظام بشار الأسد الدموي والطائفي الذي لا يعنيه غير البقاء ولو على جثث السوريين.


رغم ذلك، فإن ما فعلته روسيا والصين باستخدامهما “الفيتو” في مجلس الأمن يعد جريمة بشعة، ليس بحق الشعب السوري، بل بحق الأمة العربية والإسلامية التي تعيش إجماعا استثنائيا لا يكسره سوى بعض النفس الطائفي الذي يبدو واضحا في سلوك إيران ونظام المالكي (لا نقول النظام العراقي) مع عدد من القوى التابعة التي يتصدرها حزب الله مع الأسف الشديد.


الغالبية الساحقة من الأمة العربية والإسلامية تعيش إجماعا على نصرة ثورة الشعب السوري، وعندما تقف روسيا والصين هذا الموقف ضد أشواق السوريين في التخلص من نظام دموي، فهما إنما يقدمان مصالحهما الإمبريالية على الدم السوري، ولا قيمة لأية تبريرات يقدمانها، لأنهما هما من يدفعان في اتجاه تكريس الحرب الأهلية عبر استبعاد الحل السياسي الذي لن يتم من دون رحيل بشار الأسد عن السلطة.


لن يقنعنا شبيحة نظام الأسد وبعض دعاة القومية اليسار (المخلوط بنكهات الديمقراطية المزيفة)، لن يقنعونا بأن الصين وروسيا قد اتخذا موقفيهما ذلك حرصا على المقاومة والممانعة أو حرصا على الحق والحقيقة أو مصالح الأمة العربية.


سيقولون إن للولايات المتحدة والغرب أهدافهما الإمبريالية الكامنة خلف المواقف السياسية، ولا خلاف على ذلك، لكن الغرب في هذه القضية لا يستند إلى أهداف إمبريالية واضحة، بقدر ما يجد نفسه حيال تناقض سافر مع شعاراته لو اتخذ موقفا مناهضا لأشواق الشعب السوري في الحرية إثر الربيع العربي. ولو كانت له مصالح حقيقية في استهداف النظام السوري كما هو حال الموقف المتعلقة بالكيان الصهيوني، لعرف كيف يغير الموقفين الروسي والصيني عبر مساومات وصفقات نعرفها وجربناها من قبل في ملفات عديدة خلال العقود الأخيرة.


والخلاصة أن الغرب اليوم يقف إلى جانب الشعب السوري خجلا من اتخاذ موقف آخر، ولو كان جادا في نصرة الشعب السوري فلديه ألف طريقة وطريقة لفعل ذلك، بل إن تجاوز مجلس الأمن الدولي نفسه ليس صعبا كما حصل في قرار غزو العراق، ولا تسأل عن الموقف من ليبيا الذي جاء بعد أن تأكد الجميع من نية فرنسا التدخل بصرف النظر عن مواقف الآخرين، ما يعني استئثارها بمعظم الكعكة وحدها بعد سقوط النظام.


الغرب يعيش حيرة حول المصلحة الكامنة في بقاء النظام السوري أو رحيله، وبالطبع تبعا لحيرة الأوساط الصهيونية التي تفضل الإبقاء على النظام، لكن عدم ثقتها بإمكانية ذلك في ظل إصرار الشعب السوري يدفعها إلى تمني مجيء السقوط بعد دمار البلد بحيث لا يتعافى إلا بعد عقود، وبالطبع لكي لا يشكل أي خطر على منظومة الصراع في المنطقة.


من هنا يبدو الموقف الروسي والصيني في هذه المحطة هو “الإمبريالي” المرتبط بالنفوذ والمصالح أكثر من الموقف الغربي الذي لا يتجاوز دعمه الكلام، بينما تتكفل تركيا وبعض الدول العربية بتقديم بعض الدعم للثورة السورية.


هكذا تغامر كل من روسيا والصين بعلاقتهما مع العالم العربي وتحولان وجهة العداء نحوهما بدل أن تبقى في اتجاه أمريكا والغرب كما كانت منذ حرب الخليج (مع وجود بعض الحساسيات حيال روسيا بسبب ملف الشيشان).


هذا ما ينبغي أن يظهر واضحا خلال الأيام والأسابيع المقبلة، إذ يجب أن تتوجه المسيرات والاعتصامات وبيانات الإدانة نحو البلدين وسفاراتهما بحيث يدرك الشعبين الروسي والصيني حجم الجريمة التي ارتكبت من قبل نظاميهما بحق الشعب السوري والأمة العربية، وتبعا لذلك المغامرة بعلاقتهما مع الأمة العربية والإسلامية.


لا ننسى أننا إزاء نظامين لا يمتان إلى التعددية والديمقراطية بصلة، ففي الصين نظام شمولي، بينما يتحكم بوتين عبر ديمقراطية مزيفة بالقرار السياسي في روسيا، الأمر الذي أخذ يثير ضجر الشعب الروسي كما أكدت ذلك الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الأخيرة.


ننتظر فعاليات شعبية واسعة النطاق في العالمين العربي والإسلامي ضد روسيا والصين، وبالطبع لكي تصل رسالة الجريمة لشعبيهما، لكن الرسالة التي وصلت وأدركها الشعب السوري، هي أن عليه الاعتماد على نفسه وما تيسر من دعم الأشقاء والأصدقاء (ننتظر مواقف أفضل من الجامعة العربية)، وأن عليه الرد على المجازر بمزيد من الإصرار على الانتصار، وهو انتصار قادم لا محالة بإذن الله.


ننتظر أن يكون عنوان الجمعة القادمة هو دماؤنا لعنة على روسيا والصين، وهي رسالة ينبغي أن يحملها الشارع العربي والإسلامي أيضا.

نقلا عن جريدة الدستور

No comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...