Pages

Saturday, December 24, 2011

لقاء العائلة

بسم الله الرحمن الرحيم

جلست مع نفسي قليلا بعد لقاء عائلي حميم جمع أفراد عائلتي جميعهم كبيرهم وصغيرهم …شيبهم وشبانهم وبدأت بتلاوة بعض آيات وسور القرآن لعلاج حالة الحزن والأسى اللتي قد أصابت نفسي منذ أن بدأت ثورتنا المباركة وبدأ قتل الشعب على يد النظام المجرم والدموع تنهمر من عيوني وبعد لحظات من القراءة توقفت برهة بعد سماعي بكاء يصدر من اطفال العائلة لسبب لا أعلمه..ولكنني بدأت أتضجر من بكائهم  وبدأ التململ يسري في نفسي منهم ولكن العناية الربانية أوقفتني وبدأت تلهمني مايدعوني للتفكر من هذا الموقف…..فأحسست بصوت من داخلي يقول لي : ويحك أتتضجر من بكاء هؤلاء الأطفال وقد بات كثير يبكون على أطفالهم الذين كانو يملأون الأرض لعبا ولهوا وضحكا… بعد أن اغتالتهم يد النظام الغادر المجرم لا لأجل شيء سوى أنهم من سكان إحددى مدن سوريا الحبيبة اللتي أرادت الحرية …. أتتململ وأهل بعضهم لا يزال غير مصدق بأن ضحكات أو صرخات طفله اللتي اعتاد على سماعها لن سيمعها بعد اليوم كيف لك أن تضيق بك نفسك وبعض الأمهات والآباء لايزالون يحتضنون أغراض طفلهم ويبكون عليه بحسرة وحرقة ولربما حذاءه الملقى على الأرض لازال مكانه بعد أن خلعه لما يحدث من ألم في قدمه الصغيرة ….ولكنه هذه المرة للأسف لن يعود ليرتديه… *ويلي…..

كيف ياترى كان حال أمهات درعا الثكلى وأطفالهم قد عادو إليهم بعيونهم المدورة اللتي يملأؤها الطفولة والبراءة وهم يأنون ويبكون وكل منهم يقول لأمه:آه يا أمي كم أتالم من أصابعي وقد اقتلعت منها الأظافر ….والأم تنظر إليه بعيون تحفر الدموع المنهمرة منها أخاديدا على تلك الخدود المثقلة بتعب السنين تروي عبرها معاناتها عبر الزمان تنظر إليه وتغسل جبينها بدماء هاتيك الأصابع وهي تضمه إلى صدرها ولاتعرف ماذا تفعل ….غير أن ترفع أكفها إلى السماء راجية من الله أن ينتقم لها كما انتقم لأم موسى(عليه الصلاة والسلام)  .

*ألا ليت شعري..وكيف هو حال أمهات وآباء حمص وحماة تلك المدينتان الشقيقتان التان بقيتا تتقاسمان السراء والضراء فإن مرضت إحداهما قامت بها الأخرى وإن فرحت إحداهم رقصت لها الثانية ,*فلا يغيب من بالي تلك الأم الحموية التي كانت تجلس قرب قبر ابنها الذي اغتالته يد النظام عند اقتحامه لحماة في ثورة الكرامة عام2011 تجلس غير آبهة بآلة التصوير التي تصورها ….بل على العكس كان جوابها حين سؤلت (ألا تخافين من أن يتعرض لك النظام إن ظهر وجهك في هذا التقرير)أجابت بروح تنفث النور والنار في قلب كل سوري لا لا أخاف منه وعلى ماذا أخاف زوجي قد مات في مجزرة حماة الأولى عام1982 وهذا ابني الوحيد الذي ربيته بكل ما أملك وعملت جاهدة على ألا أحسسه بفقد الأب ولربما قطعت عن نفسي لأطعمه وها هو الأن يرقد تحت التراب نتيجة رصاصة أطلقها عليه عنصر أمن لا يخاف الله ..(وتابعت)..والله إني أتمنى الأن أن أحفر قربه وأنام قربه كي لا أحس بأنه رحل …..لكن  دموع عينيها التي بدأت بالسقوط منعتها من متابعة حديثها الذي تخنقه غصة لطالما سكنت حلوق أهل حماة..وهاهي الأن تسكن حلوق جميع السوريين… *وويحي ….ما أثقل دمعات تلك الطفلة من مدينة تل كلخ من محافظة حمص الأبية وهي تقول بصوت يرتجف من الحزن والبكاء لقد اعتقلوا أبي وأعمامي اليوم صباحا ووالله لم أرهم حتى الآن ولا أعرف عنهم شيء ولكنني سأنتقم لهم وغدا سوف ترون انتقامي …ثم حالت الدموع من استكمال مقالتها. *ولله درك يا خنساء إدلب…ويحي ماهذا القلب الذي تحملينه,لا أزال أرى تلك اليدين اللتين قد جعدهما الزمان وهي تعمل وتكد وتشقى في سبيل أبناءها لا أزال أذكرها وهي تمسح جبين ابنها الغالي الذي كان يعيش معها بارا بها ثم ماذا…… يأتي جندي من كلاب بشار وبكل برودة أعصاب يطلق النار عليه فيرديه قتيلا وكأنه يصطاد غزالا أو نمرا……..

لكن العجب من تحدي الأم حيث قالت وبكل قوة..اليوم استشهد أكبر أبنائي ولازال لدي ثلاثة وسأضحي بهم جميعا في سبيل سقوط هذا النظام المجرم,قاتل الابرياء. *وإذا ما عدنا إلى درعا البطولة يحضرني ذاك الشاب من أبطال الثورة الذي كان قد خرج مع أخيه في مظاهرة مع باقي شباب المدينة وماهي إلا لحظات حتى بدأ رصاص الغدر بالانهمار عليهم وكان لأجل الصدفة يصور تلك المظاهرة ولكن القدر قد اختار أخاه أضحية لانتصار الثورة فسقط قتيلا وبدأ ذاك الشاب يصيح من بعيد دون أن يستطيع الاقتراب لكثافة الرصاص…أخوي ….أخوي….ولكن ما من مجييييب فتعرف بنفسك أنهما كانا يحبان بعضهما كثيرا…بل لربما أن أحدهما كان لايطيب العيش له إن لم يكن أخاه حوله يسامره….يشاوره…ويكاشفه…بل حتى لقمة الطعام لن تستسيغ له إن لم يرها تنزل في فيه أخاه أولا,ولكن لحسن الحظ أن آلة التصوير ظلت مفتوحة لالتقاط هذه اللقطة التي ستبقى خالدة في ذهن أبناء سورية. *وهو أيضا حال ذلك الشاب من حمص الذي أراد تشييع أخوه الذي أرداه عناصر الأمن شهيدا في اليوم السابق في تظاهرة مناهضة للنظام …هم الأن يمنعون أخاه من أن يقوم بتشييعه أو دفنه فصارو يطلقون النار على من أرادو الخروج لدفنه لدرجة أعجزت هؤلاء الشباب عن نقل النعش من حارة لأخرى مما اضطرهم لسحبه بالحبال تحت غزير رصاصات الأمن فصار الأخ يبكي ويقول،أخي…هل هكذا هي نهايتك…هل هذا هو مصيرك…..حتى التشييع حرمت منه ياأخي….ثم أكمل سحب التابوت حتى دفنوه على عجل ولابد وأن لسان حاله يتمنى لو أن روحه تخرج لكي يفدي بها أخاه..أو انه قد أخرجه بتشييع يليق بهذا العريس …عريس الحرية …ولكن لا مناص.

*ألا ليت شعري ….وكيف أنسى تلك الشابة من جسر الشغور حينما فرت هي وأهلها من جحيم القمع في سوريا إلى الملاذ الآمن والصدر الحنون لدى أخوتها الأتراك وهي تشكو وتقول قتلو أزواجنا وأبنائنا وأسروا إخواننا ثم ماذا…….وتتوقف هنا وتوقع مقالتها بدموع حارات على وجنتيها الورديتان اللتان لم تتوقع بأن تسكب هكذا دمع عليهم  إلا بعد سنين طوال لمصيبة فقد أخ أو جار أو معيل ….لكن الدهر فاجئها بسرعة قدوم المصائب وبكثرة الضحايا *وكم من عين بكت على أطفال انتفاضة سورية ….ولكن الطفل الذي اخزل في قصته وصورته  قصة ومعاناة أطفال سورية..لم تبق عين حنونة إلا وبكت عليه…نعم يا أخوتي إنه الطفل الذي لم يبلغ الثالثة عشرة …إنه حمزة الخطيب.. حمزة،اختطف من مظاهرة بعد تفريقها ….من إحدى مناطق درعا الأبية ..ظنت في البداية أم حمزة أنها إنما ساعات …أو أيام وسيعود ابنها…وبالفعل عاد ولكن عاد مرآة لوحشية الظام وقمعه..عاد جثة هامدة وقد كسرت رقبتهه وأطلق الرصاص على بطنه وأكواعه وازرق جلده من الضرب ومن التعذيب..وليس ذلك فقط بل وقطع ذكره(عضوه التناسلي) لأن النظام خاف من أن يأتي من هذا الطفل حين يكبر سلالة تحمل مورثات أباهم الكاره للظلم الحاقدة على النظام..وأنا أرجوك ألا تحاول أأ تتخيل هذه الصورة لأن عقلك لن يتحملها ولكن يمكنك أن تعرف فظاعتها إذا تخيلت حال أبويه وأخوانه …وستعرف عندها كم ممن الأسى حمل هذا الجثمان معه. لكن المصيبة والطامة الكبرى أن النظام وبعد أن أصبحت صورة حمزة أيقونة للثورة يتبجح ويقول أن حمزة هو ليس طفل وليس عمره13 عاما بل هو شاب عمره تجاوز ال18 مات بيد العصابات المسلحة ولون الزراق على جلده إنما هو من آثار التفسخ الناتج عن التأخر في الدفن..وهذه العصابات قد اختطفته من أيدي الأمن الذي بدوره اعتقله لأنه كان ذاهبا لاغتصاب نساء الضباط…..لا لا أرجوك لا تضحك بل أرجوك عد لأرشيف التلفاز السوري وقناة الدنيا السورية وشاهد تحليل أطباء النظام عن حمزة ..وعندها ستضحك أكثر ولكن ضحكاتك هذه ستختنق في حنجرتك بعد أن تبدأ الدموع من الانهمار من عينيكلما ستراه حينها من استهزاء بدماء وأعراض وأنفس السوريين. هل حمزة ذو الثلاثة عشر ربيعا كان يعرف أصلا ماهو الجنس حتى يغتصب…..سبحا ربي عجبا لأمر هذا النظام . *ولا ننسى أيضا كم من آل الخطيب ضحو بأنفسهم كرمى لهذه الثورة…وأصغرهم هي الطفل هاجر …هاجر الخطيب..ولا أريد أن أفتح ملف قتلها فما عاد بالعين دموع تكفي للانهمار من عيني وأنا أكتب قصة اغتيال هؤلاء الملائكة الصغار.. ولكن عد لأرشيف الثورة واعرف بنفسك كم من طفل قد اغتيل على يد النظام وكل منهم له قصة تنهد لأجل سوادها وفظاعتها الجبال. *ولا ننسى قصة ذاك الشاب من تلبيسة الأبية الذي كان يركض هرعا بعد أحد مجازر النظام فيها وهو يبحث عن جثامين الشباب المقتولين هنا وهناك..وهو يجد في كل التفاتة له يمنة أو يسرى جثمانا جديد لأحد شهدا المدينة. *أما ابراهيم القاشوش ….فما عسانا نقول فيه يكفي أ، نقول بأنه من حماة الشهيدة..أم نقول حماة الفداء أم…أم….لكنني سأترك لك حرية الاختيار بعد أن تسمع قصة هذه المدينة, حماة هي مدينة إسلامية عريقة أمضت حياها تغزى من قبل الغزاة ….فبعد أن تحررت من الرومان غزيت من قبل القرامطة ثم من قبل من قبل الفرنسيين ..وأخرها من قبل الأسديين(عصابات آل الأسد). نعم فعصابات الأسد قد غزت حماة مرات ومرات منها 1964…ومرة أخرى1982..وأخيرا2011 والحديث يطول….وفي كل مرة كانوا ينكلو بها وبأهلها ذلك لأن هذه المدينة كانت تقف وشعبها في وجه أي طاغية يستلم ….ولكنها كانت دوما تدفع ثمن وقوفها ……المجازر والمجازر ثم المجازر. دعنا مما حصل عام 1964 عندما دخل الجيش لحماة وقام بتدمير المآذن واجبار الأهالي على رفع الأعلام البيضاء أمام الجيش السوري إعلانا منهم عن استسلامهم لهذا الجيش……بلله قللي أي رئيس يحكم شعبه بالذل والخنوع….ولكن القضية أكبر من ذلك ودعنا مما حصل عام 1982 من أكبر مجازر الدنيا بعد بل حتى أكبر من مجازر هتلر باليهود…فما تقول عمن يخرج شباب ورجال الحي كلهه ويضعهم على الحيطان ثم يبدأ بالرش الفوري..وعمن يغتصب النساء …وعمن يعتقل الأطفال وينكل بكل من يقف في وجهه وعمن يقوم بالمجازر الجماعية …وعن …وعن…وإذا أردت أن تعرف القصة بالتفاصيل يمكنك أن تزور صفحة في الفيس بوك اسمها مجازر حماة1982 أو أن تبحث في الويب والويكيبيديا عن هذه المجازر ولكن لاتنصدم مما ستقرأ. وعلى الرغم مما حصل بحماة قامت أيضا هذه المرة في وجه هذا الطاغية أيضا لنصرة أخواتها من هم على مذبح الحرية وانتفض أهل المدينة عن بكرة أبيهم لإسقاط هذا النظام المجرم خليفة أبيه في الإجرام.ولكن هذه المرة لم يتوقف الإجرام عند أحد المدن ففي ثورة الكرامة هذه وانتفاضة الياسمين التي نقوم بها إذا زرت أي ركن في سورية من الدير إلى اللاذقية…ومن درعا حتى ادلب لوجت قصصا يشيب لها الرأس من فظاعتها وهيفوق ما ذكرته مرات ومرات…….ومرات. وهنا وبعد أن تذكرت هذه المآسي التي حصدت أرواح السوريين مسحت الدموع التي كانت تملأ وجهي وعدت وفتحت القرآن ولكن هذه المرة شرعت بقرآءة سورة (يس)على أرواح الشهداء ..وبعدها أغلقته وقمت فشرعت بصلاة أناجي بها ربي وأشكو له عما في قلبي من حزن وأسى على هذا الشعب البطل…وأرجو منه أن يعجل فرجه ونصره.. وعندما أنتهيت ألهمني الله بتذكر حديث الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي يقول فيه : #إنما النصر صبر ساعة# فأحببت أن أذكركم به أيضا وأن أشارككم مشاعري وخواطري عسى تجد في صدركم مكانا ….وعسى أجد لنفسي في فمكم دعاءا.

No comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...